حفظ الدعوى في النظام السعودي. من دون شك، تلعب النيابة العامة دوراً محورياً في توجيه مسار القضايا، بدءًا من مرحلة التحقيق في مراكز الشرطة وصولاً إلى المحاكم. قرارات النيابة العامة، سواء بإطلاق سراح المتهم، إحالته للمحكمة المختصة، أو حفظ القضية ووقف التحقيق فيها ضمن النظام القضائي السعودي، تحمل أهمية بالغة لأي قضية.
سنبذل جهدنا لتزويدكم بمعلومات مفصلة وموثوقة تساعد في تشكيل فهم واضح وشامل حول إجراءات حفظ القضايا في السعودية، بما في ذلك أسباب وتأثيرات وشروط هذا الإجراء. كما سنجيب عن الأسئلة الشائعة المتعلقة بهذا الموضوع.
لمزيد من التفصيل والاستفسار، نوصي بالتواصل مع مكتب المحامى سند بن محمد الجعيد للمحاماة والاستشارات القانونية، أحد أبرز مكاتب المحاماة في السعودية.
حفظ الدعوى في النظام السعودي
في إطار نظام الإجراءات الجزائية السعودي، تتولى النيابة العامة مسؤولية إحالة المتهمين إلى المحكمة المناسبة عقب إنهاء التحقيقات وتجميع الأدلة اللازمة. وفقاً للمادة 124 من نفس النظام، يُمكن أيضًا حفظ الدعوى وإيقاف التحقيق مؤقتًا أو بشكل دائم بناءً على أسباب معينة سيتم ذكرها.
يُعرف حفظ الدعوى بأنه إجراء يتم بموجبه إنهاء النظر في الادعاء والتحقيقات المتعلقة به، مع الاحتفاظ بالمستندات ونتائج التحقيقات والتحريات. النظام الجزائي في المملكة العربية السعودية يُوضح الآليات والشروط الخاصة باتخاذ قرار حفظ الدعوى.
هذا يجعل حفظ الدعوى بديلاً لإجراء إحالتها إلى المحكمة المختصة، حيث يعد قرار الحفظ قرارًا قضائيًا يصدر عن النيابة العامة لإنهاء المتابعة القضائية للدعوى بعد إجراء التحقيقات الأولية.
يسبق اتخاذ هذا القرار مجموعة من الخطوات التي تبدأ من لحظة تقدم الشاكي بشكواه إلى مركز الشرطة في أي مدينة سعودية، حيث يُسجل ادعاؤه ويُستمع إلى أقواله.
تتبع هذه الخطوة إجراءات القبض على المدعى عليه وتسجيل أقواله وأقوال الشهود إن وجدوا، ثم تحديد تاريخ الواقعة وفقًا للأطر الزمنية القانونية المعمول بها.
بعدها، تُحال الوثائق وأقوال الأطراف والشهود إلى النيابة العامة، التي تباشر بدورها التحقيقات اللازمة وتقرر إما المضي قدمًا في القضية أو حفظها استنادًا إلى الإجراءات الواردة في النظام الجزائي السعودي.
أسباب حفظ الدعوى في النظام السعودي
كما أوضحنا، يحق للادعاء العام اتخاذ قرار بحفظ الدعوى إذا توافرت أسباب محددة مذكورة في نظام الإجراءات الجزائية السعودي. هذه الأسباب، المحددة بشكل واضح، تشمل:
- إذا كانت الشكوى مقدمة ضد شخص مجهول ولم تسفر التحريات عن تحديد هويته أو صفته، مما يجعل الاتهام المباشر مستحيلاً، يتم حفظ الدعوى مؤقتًا حتى تظهر معلومات جديدة تقود إلى هوية الجاني.
- في حال عدم وجود أدلة كافية لإثبات إدانة الشخص المتهم، حيث الأساس هو البراءة حتى يثبت العكس، ويُمكن استئناف التحقيق إذا ظهرت أدلة جديدة.
- إذا كانت الوقائع المُبلغ عنها مشكوك في صحتها أو لم تكن قائمة على أساس حقيقي، مثل الإبلاغات الكاذبة.
- عندما لا يخضع الفعل المشكو منه لأحكام التجريم، أي لا يوجد نص قانوني يجرم الفعل المُبلغ عنه.
- إذا كان هناك سبب قانوني يبيح الفعل، كالدفاع الشرعي عن النفس أو العرض، أو القيام بواجب قانوني.
- عندما يستفيد المتهم من موانع العقاب أو الإباحة كفقدان الأهلية، السكر، الإكراه، أو الجنون.
- في حالات سقوط الدعوى بسبب عفو عام أو وفاة المتهم أو التنازل عن الشكوى أو إلغاء التجريم.
- إذا قدمت الدعوى من شخص غير مختص أو بعد انقضاء المدة القانونية لتقديم الشكوى.
تنتج عن حفظ الدعوى ضمن النظام السعودي آثار معينة، وهي تعكس الإجراءات المتخذة وفقًا للحالات الموضحة أعلاه.
تقديم طلب اعادة للخدمة العسكرية في السعودية
عفو ملكي في قضية ترويج مخدرات في السعودية
آثار حفظ الدعوى في النظام السعودي
للمجني عليه والمدعي الحق في الحق المدني خيار الاعتراض على قرار النيابة العامة بحفظ الدعوى، وذلك يجب أن يتم في غضون عشرة أيام كأقصى حد من تاريخ إعلان القرار.
كذلك، يمكن لمحكمة الجنح أو الجنايات إلغاء قرار النيابة العامة بحفظ الدعوى وإعادة فتحها. وبمقدور المدعي العام، أو من ينوب عنه، إبطال قرار حفظ الدعوى إذا لم يكن هناك اعتراض مسبق على القرار، شريطة أن يتم ذلك في مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ القرار.
في الحالتين المذكورتين، يُعتبر قرار حفظ الدعوى قرارًا مؤقتًا. ولكن، إذا لم يتم اللجوء إلى أي من الطرق المذكورة للاعتراض أو إلغاء قرار الحفظ من قبل المدعي العام، يصبح القرار نهائيًا.
ومن ضمن النتائج البارزة لقرار حفظ الدعوى بشكل نهائي هو حصول المتهم على حق الحصانة من إعادة التحقيق في القضية. هذا القرار يكتسب صفة النهائية القانونية التي تمنع من فتح القضية من جديد، وفي حال تم إعادة تقديم القضية بتوصيف مختلف، سيتم رفضها قانونيًا.
ما الفرق بين حفظ الدعوى وعدم وجود وجه لإقامة الدعوى؟
التشابه بين الحالتين يكمن في أن كلتاهما تعاني من نقص الأدلة الكافية لإثبات التهم الموجهة للمتهم. أما الاختلافات فتتمثل في النقاط التالية:
1- قرار حفظ الدعوى يُصدر بعد بدء التحقيقات والتوصل إلى أسباب تبرر هذا القرار، بينما يُصدر قرار عدم الأساس للمحاكمة قبل الشروع في التحقيقات.
2- القرار بأنه لا وجه لإقامة الدعوى يجب أن يُتخذ من قبل عضو في النيابة العامة بمنصب وكيل نيابة كحد أدنى. على الجانب الآخر، قرار حفظ الدعوى لا يُصدر إلا من قبل عضو في النيابة العامة بمنصب رئيس نيابة كحد أدنى، مع إمكانية صدوره من وكيل نيابة في قضايا الجنح والمخالفات.
هل يلزم عضو النيابة بتسبيب أمر حفظ الدعوى؟
بالتأكيد، عضو النيابة العامة مطالب بتوضيح الأسباب التي قادته إلى قرار حفظ الدعوى، وفقًا للمادة 124 من نظام الإجراءات الجزائية السعودي ولوائحه التنفيذية. هذا الإلزام يأتي نتيجة لإجراء التحقيقات التي تسبق قرار حفظ الدعوى ضمن النظام القضائي السعودي.
محامي عقارات وإنشاءات في السعودية
مذكرة دفاع في قضية ترويج مخدرات
ما شروط التمسك بحجية حفظ الدعوى في النظام السعودي؟
بمجرد أن يقرر الادعاء العام حفظ الدعوى بشكل نهائي، يصبح القرار ملزمًا بما يمنع إعادة فتح الدعوى مرة أخرى طالما بقي قائمًا ولم يتم إبطاله. في حال تقديم الدعوى من جديد حتى بتوصيف مختلف، يرفض النظر فيها إذا كان قرار حفظها نهائيًا. للدفاع عن استمرارية حجية قرار الحفظ عند محاولة إعادة تقديم الدعوى، يجب إثبات تطابق في ثلاثة جوانب رئيسية بين الدعوى الأصلية المحفوظة والدعوى الجديدة:
1- تطابق الأطراف المعنية.
2- تطابق الوقائع المذكورة.
3- تطابق الموضوع المتناول.
ما هي مدة التوقيف في النيابة العامة؟
فترة التحقيق والاحتجاز الأولية التي تحددها النيابة العامة هي خمسة أيام من لحظة الاحتجاز، كأول خطوة في مسار التحقيق. تمامًا كما يحتاج الطبيب إلى وقت كافٍ لتشخيص حالة معقدة، قد يجد المحقق ضرورة للغوص أعمق في تفاصيل القضية، مما يستوجب تمديد هذه الفترة. في هذه الحالة، يكون بمقدور المحقق طلب التمديد من هيئة النيابة العامة، على أن يتم هذا بشكل يضمن استمرارية التحقيق دون عوائق.
مثل البناء على أساسات متينة، هذا الإجراء يُبنى على ضرورة التأني والدقة في التحقيق، مع ضمان عدم تجاوز الخطوط الحمراء المحددة بستة أشهر كحد أقصى من تاريخ التوقيف. هذا الحد الزمني يضع سقفًا يضمن عدم تعرض حقوق الأفراد للإهمال أو الضياع في متاهات التحقيقات الطويلة. بذلك، يُحافظ النظام القضائي على توازن دقيق بين ضرورات التحقيق وحماية الحريات الشخصية، تمامًا كالرقص على حبل مشدود يتطلب مهارة وتوازنًا.
ختامًا، يعتبر حفظ الدعوى ضمن الإطار القضائي السعودي توقفًا قانونيًا وإلزاميًا لإجراءات الدعوى، مما يحمل دلالات مهمة لكل من المدعين والمتهمين. من جانبهم، يسعى المدعون إلى منع حفظ الدعوى، محاولين إزالة أي عقبة قد تقود إلى تعليق الإجراءات. من ناحية أخرى، يجد المتهمون في الدعاوى الكيدية أو غير العادلة فرصة للتنفس الصعداء عند حفظ الدعوى، وهو ما يؤدي إلى إطلاق سراحهم. هذا التوقف يلقي الضوء على الطبيعة المزدوجة للإجراء، وكيف يمكن أن يخدم أهداف العدالة من منظورين مختلفين.
لمزيد من المعلومات، يُرجى التواصل مع مكتب المحامى سند بن محمد الجعيد للمحاماة والاستشارات القانونية.