رد الاعتبار هو حق مخول للمنظم لكل من تعرض لحكم جنائي يثبت إدانته، ويتوجب على المتقدم بطلب الرد الاعتبار أن يستوفي الشروط المنصوص عليها بموجب النظام. ومن هذه الشروط، يجب أن يكون قد صدر حكم جزائي ضده في جريمة تؤثر سلبًا على كرامته وسمعته، وأن يكون قد مرت مدة زمنية منذ تنفيذ العقوبة، بالإضافة إلى ثبوت استقامته بعد ذلك. ويجب أن يتقدم المتقدم بطلب الرد الاعتبار إلى الجهة المختصة.
أولاً: تعريف المقصود برد الاعتبار:
توجد توافق غالبية النظم القانونية العربية، بما في ذلك النظام القانوني السعودي، على استخدام مصطلح “رد الأعتبار” للإشارة إلى عملية إعادة إدماج المحكوم عليه في المجتمع، من خلال محو آثار الجريمة من سجلات السوابق الجنائية للمدان. تعرّف بعض الفقهاء القانونيين رد الأعتبار في النظام السعودي بأنه “إلغاء الحكم القضائي الصادر بالإدانة في أي جريمة أو مخالفة جنائية للمستقبل، مع محو جميع آثاره، ليعود المدان كما لو لم يكن قد أدين أبدًا”. ووُصف أحيانًا بأنه “إلغاء العواقب الجنائية التي تنجم عن الحكم الجنائي، مثل انتقاص حقوقه أو حرياته، أو حظره من ممارسة بعض الأنشطة أو السفر”.
يمكن القول إن رد الأعتبار هو حق قانوني يمكن للمحكوم عليه بالعقوبة الحصول عليه، بشرط توفر الشروط المنصوص عليها، وذلك من خلال قرار من الجهة القانونية المختصة أو بقوة القانون، ليُمحى الحكم الصادر بحقه، وتُزال آثاره، ويستعيد كافة حقوقه القانونية التي تم حرمانه منها.
أكدت أحكام الشريعة الإسلامية على أهمية فكرة رد الأعتبار، فمن الأمثلة على ذلك: نهى الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- عن لوم شارب الخمر بعد تنفيذ العقوبة عليه، لمنع إحساسه بالاحتقار من المجتمع والتجاوز في الجريمة. بل أيضًا، ركز الإسلام على رد الأعتبار للموتى بعد تنفيذ الحدود الشرعية فيهم، حيث عُدَّت توبتهم مقبولة وعرفت قيمتها بعد وفاتهم، كما في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- بشأن المرأة الزانية الذي قال فيه “لقد تابت توبة لو قسمت على أهل المدينة لوسعتهم”. ويُعزى هذا إلى توافق مع مبادئ الشريعة التي تحرص على احترام كرامة الإنسان وحفظها من الإهانة والانتهاك.
محامي مختص في قضايا البيع على الخريطه
ثانياً: أنواع رد الأعتبارفي النظام السعودي:
تتبع رد الأعتبار الجنائي في المملكة العربية السعودية صيغتين رئيسيتين: الأولى، وهي رد الاعتبار الإداري، حيث يكون الاختصاص في هذه الصيغة متمثلاً في هيئة إدارية مشكلة من قبل وزير الداخلية، وهذا يختلف عن العديد من الأنظمة القانونية المقارنة، التي تُخول الاختصاص برد الاعتبار للقضاء بسبب اكتسابه السلطة النهائية. أما الصيغة الثانية، فتعرف برد الأعتبار بقوة النظام، وهو عندما يتم رد الأعتبار تلقائياً بعد انتهاء فترة محددة دون الحاجة إلى طلب من المحكوم عليه.
وبالتالي، يمكن تصنيف رد الأعتبار في النظام السعودي إلى نوعين:
- رد الأعتبار الحكمي: وهو عبارة عن إلغاء الحكم الجنائي بعد انتهاء فترة زمنية محددة بعد تنفيذ العقوبة أو سقوطها بالعفو، وذلك دون الحاجة لطلب من المحكوم عليه. يتطلب هذا النوع من رد الأعتبار أن يمضي المدة المحددة من دون تسجيل أي سابقة جنائية في صحيفة السوابق.
- رد الأعتبار الإداري: يتم هذا النوع من رد الأعتبار بناءً على طلب يُقدم إلى الهيئة المختصة، ويصدر القرار الإداري بشأنه. تُشكل هذه الهيئة في وزارة الداخلية وتتولى البت في الطلبات، حيث يُراعى فيها معايير معينة مثل استقامة المستدعي واندماجه في المجتمع، ومضي مدة معينة بعد تنفيذ العقوبة أو العفو عنه، أو في بعض الحالات يمكن رد الأعتبار دون اشتراط مضي مدة معينة في حالة الجرائم غير الخطيرة المرتكبة لأول مرة.
من الملاحظ أن رد الأعتبار الإداري يخضع لاختصاص هيئة مشكلة من وزارة الداخلية، وتعتمد على تقييم الشروط اللازمة والمدة المناسبة بعد التأكد من استقامة المستدعي واندماجه في المجتمع.
ثالثاً: شروط رد الأعتبار في النظام السعودي:
(أ) شروط رد الأعتبار الحكمي:
1- انقضاء المدة القانونية اللاحقة لتنفيذ عقوبة المحكوم عليه: وتبلغ عشر سنوات في حالة الجرائم الخطيرة وأربع سنوات في الجرائم غير الخطيرة. يُبدأ احتساب هذه المدة من تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة المحكوم بها أو سقوطها بالعفو. وقد تم تحديد الجرائم الخطيرة بموجب قرار صادر عن وزير الداخلية، وتشمل مثلاً جرائم أمن الدولة، والقتل العمد عند سقوط القصاص، وتهريب المواد المخدرة، وجرائم الفساد في الأرض، وجرائم التزوير، وجرائم تهريب المواد المسكرة وترويجها، وجرائم الرشوة.
2- عدم تسجيل أي سابقة جديدة للمحكوم عليه خلال المدة القانونية في صحيفة السوابق.
(ب) شروط رد الأعتبار الاداري:
- انقضاء المدة القانونية المنصوص عليها، وتُحسب هذه المدة من تاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة أو سقوطها بالعفو، وهي كالتالي:
- خمس سنوات في حالة الجرائم الخطيرة.
- سنتان في حالة الجرائم غير الخطيرة بعد المرة الأولى.
لا يُشترط في الجرائم غير الخطيرة المرتكبة لأول مرة مضي مدة معينة على تنفيذ العقوبة أو سقوطها، ولكن في حالة الجرائم المحددة بأنظمة خاصة، يجب الالتزام بالمدة المنصوص عليها في النظام.
- استقامة المحكوم عليه واندماجه في المجتمع يجب أن يُثبت ذلك من خلال تقييم شرعي.
- قبول الحاكم الإداري للطلب: بعد إجراء التحقيقات المطلوبة حول سلوك الشخص المطالب برد الأعتبار واستقامته ومصدر رزقه، يتخذ الحاكم الإداري قراراً بقبول طلب رد الاعتبار.
- عدم ارتكاب المحكوم عليه أي جريمة أخرى بعد صدور الحكم المحلي لطلب الرد.
يجدر بالذكر أن قرار مجلس الوزراء لم يشمل ضمن شروط رد الأعتبار في النظام السعودي الالتزام بالالتزامات المالية، والتي تعتبر شرطاً ضرورياً في القوانين المقارنة. على سبيل المثال، ينص قانون الإجراءات الجنائية المصري على ضرورة أن يُوفي المحكوم عليه بكل ما حكم به عليه من غرامة أو رد أو تعويض أو مصاريف، مع إمكانية استرداد هذه المبالغ بعد مضي خمس سنوات إذا لم يُطلبها المحكوم له.
إجراءات رد الأعتبار وآثاره
أولاً: الاجراءات المتبعة
1- الجهة المختصة بالنظر في طلب رد الأعتبار في النظام السعوديهي الهيئة المشكلة من وزارة الداخلية، وتتألف من مدير التفتيش القضائي بوزارة العدل، وعضو قضائي من ديوان المظالم، ومستشار شرعي من وزارة الداخلية، ومدير الأدلة الجنائية بمديرية الأمن العام.
2- إجراءات النظر في طلب رد الأعتبار تتضمن:
أ- يقدم طالب رد الأعتبار خطاباً يحتوي على طلبه إلى الحاكم الإداري في المنطقة التي يقيم فيها، مع ذكر تفاصيل الواقعة والحكم والجهة الصادرة عنه وتاريخ انتهاء تنفيذ العقوبة، والالتزامات المدنية المترتبة عن الحكم، ويُرفق الوثائق الدالة على صدق بيانات الطلب واستقامة المحكوم عليه.
ب- يُعد مذكرة يقترح فيها الحاكم الإداري رأيه بشأن طلب رد الأعتبار بناءً على التحقيقات وتقييم سلوك الطالب واستقامته ومصدر رزقه.
ج- تُرفع مذكرة الحاكم الإداري إلى هيئة رد الأعتبار بوزارة الداخلية لمراجعتها والتحقق من الوثائق وتأكيد عدم ارتكاب طالب رد الأعتبار لأي جريمة أخرى بعد صدور الحكم، وتأكيد استقامته واندماجه في المجتمع.
د- تُحدد الهيئة جلسة لنظر طلب رد الأعتبار، ويُخطر طالب الرد بالموعد، وتحتفظ الهيئة بحق البت في الطلب في غيابه. إذا لم يقم طالب الرد بالحضور، تقرر الهيئة حفظ الطلب مع بيان الأسباب، مع السماح بتقديم طلب جديد بعد زوال سبب الرفض دون وجود مدة فاصلة بين الطلبين.
ثانياً: الاثار المترتب عليها
1- آثار رد الأعتبار على المحكوم عليه:
أولاً، ينجم عن رد الأعتبار إزالة اسم المحكوم عليه من سجل السوابق الجنائية، وشطب الحكم الصادر ضده من السجلات الرسمية. بموجب ذلك، يستعيد المحكوم عليه -بشكل عام- كافة الحقوق التي كانت محظورة عليه بناءً على الحكم السابق، كما لم يعد تحمل أثر الحكم الجنائي في نظر النظام. ومع ذلك، يستثنى النظام بعض الفئات من هذا القاعدة وهم:
أ- الموظفون المدانون بجرائم الرشوة، حيث لا يُرفع رد اعتبارهم تلقائيًا إلا بعد مرور خمس سنوات على انتهاء تنفيذ العقوبة وبقرار من مجلس الوزراء.
ب- الموظفون المشمولون بنظام الخدمة المدنية، الذين صدر بحقهم حد شرعي أو حكم بالسجن في جريمة تتعلق بالشرف والأمانة. لا يُسمح لهؤلاء بتولي الوظائف العامة إلا بعد مرور ثلاث سنوات على انتهاء تنفيذ العقوبة، حتى لو تم رد اعتبارهم قبل انتهاء هذه المدة.
2- آثار رد الأعتبار في النظام السعودي على حقوق الغير:
يبقى تأثير رد الأعتبار على حقوق الغير المتعلقة بالجريمة دون تأثير، ويشمل ذلك أي شخص تأثر بالجريمة التي ارتكبها المحكوم عليه. وتتعلق حقوق الغير بالالتزامات المدنية، مثل التعويضات والغرامات التي يجب على المحكوم عليه تحملها نتيجة ارتكابه الجريمة.
إجراءات رد الأعتبار في النظام السعودي بعد البراءة
إذا تعرض مواطن لقضية تم الادعاء عليه فيها بالكذب والافتراء وتمت تبرئته، فإنه يمكنه البدء بإجراءات رد الاعتبار لإثبات تعرضه للظلم والحصول على تعويضات من الطرف الذي وجه له الدعوى. الإجراءات تكون كالتالي:
خطوات رد الاعتبار
- تقديم طلب رد اعتبار اتهام باطل
- يبدأ المواطن بتقديم طلب رد أعتبار بعد الحصول على حكم البراءة. هذا الطلب يجب أن يتضمن جميع التفاصيل المتعلقة بالقضية والتظلم الذي تعرض له.
- التوجه إلى الحاكم الإداري
- يتم تقديم الطلب الرسمي للحاكم الإداري، موضحًا فيه التظلم والرغبة في رد الاعتبار.
- إرفاق البيانات الضرورية
- يجب إرفاق كافة البيانات والأوراق الرسمية، بما في ذلك الحكم الصادر من المحكمة المختصة، وذكر المحكمة التي أصدرت الحكم النهائي. يتضمن ذلك أيضًا الوثائق والاثباتات التي تعزز موقف المتهم.
- توضيح سبب التظلم
- يتم توضيح السبب الذي دفع لطلب التظلم، سواء كان الغرض رد الاعتبار وحذف السابقة الجنائية أم الحصول على تعويض من الشخص الذي قام بالادعاء الباطل.
- الحصول على التعويض الملائم
- بعد تقديم الطلب، يتم العمل على الحصول على التعويض المناسب الذي يرغب به المتهم.
معرفة الإجراءات القانونية
- يجب على مقدم الطلب أن يكون على دراية كاملة بكافة الإجراءات القانونية المطلوبة لتحقيق رد الاعتبار، سواء كان ذلك ردًا حكميًا أو ردًا قانونيًا.
- الاطلاع على كافة الإجراءات وتنفيذها بشكل دقيق يضمن الوصول إلى رد الأعتبار المطلوب والتعويض المناسب إذا كان ذلك مطلوبًا.
الاستعانة بمحامي متخصص
- للحصول على معلومات دقيقة ومساعدات قانونية متخصصة، ينصح بتوكيل محامي ذو خبرة عالية. مكتب سند الجعيد للمحاماة يمكن أن يكون خيارًا مناسبًا، حيث يوفر المحامون المتخصصون الذين يمكنهم تقديم النصائح والإرشادات اللازمة.
طلب معلومات إضافية
إذا كنت ترغب في معرفة تفاصيل أكثر حول مبلغ رد الأعتبار أو تفاصيل أخرى عن قضية رد الاعتبار واتهام باطل، يمكن لمكتب سند الجعيد للمحاماة تقديم المساعدة المطلوبة وتوضيح جميع الاستفسارات التي قد تكون لديك.