الطلاق الرجعي
تمثل الأسرة الوحدة الأساسية في المجتمع، حيث يعتمد استقرار المجتمع ونموه بشكل كبير على استقرار الأسر التي يتكون منها. ولقد أولى الشارع الحكيم اهتمامًا بالغًا بضرورة الحفاظ على كيان الأسرة واستمرارها، نظرًا لأهميتها الكبيرة في بناء مجتمع سليم ومتماسك. ومع ذلك، هناك بعض الظروف والمشاكل التي تجعل استمرار العلاقة الزوجية أمرًا غير ممكن، حيث قد تصل الخلافات بين الزوجين إلى مستوى لا يمكن معه التوصل إلى حلول، أو قد تطرأ ظروف قوية تجعل من الصعب بقاء الزوجين معًا.
في مثل هذه الحالات، أباح الشارع الحكيم الطلاق كخيار أخير، ووضع له مجموعة من الأحكام والقوانين التي تنظم هذه العملية، بهدف ضمان حماية حقوق جميع الأطراف المعنية. وقد حدد الشارع الحدود والضوابط التي يجب الالتزام بها عند اتخاذ قرار الطلاق، وذلك لضمان أن تتم العملية بطريقة تحفظ كرامة الزوجين وتراعي حقوق الأطفال والأطراف الأخرى المتأثرة. إن تنظيم الشارع لأحكام الطلاق يعكس حرصه على تحقيق التوازن بين الحفاظ على كيان الأسرة كأولوية، وبين توفير حلول مشروعة في حال استحالة استمرار العلاقة الزوجية، بما يضمن استقرار المجتمع بشكل عام.
ما هو الطلاق الرجعى؟
الطلاق الرجعي هو الطلاق الذي يقع على المرأة بعد الدخول بها، حيث إذا قام الزوج بتطليق زوجته مرة واحدة أو مرتين وهي حامل أو في فترة الطهر التي لم يجامعها فيها، يُعتبر هذا الطلاق رجعيًا. في هذه الحالة، تبقى المرأة في عصمة الرجل، ويحق له إعادتها إلى زوجته بقول أو فعل دون الحاجة إلى إجراءات جديدة، وذلك خلال مدة العدة.
أما إذا طلقها الزوج ثلاث مرات، فإن هذا الطلاق يُسمى طلاقًا بائنًا أو بينونة كبرى. هذا النوع من الطلاق لا يتيح للزوج استعادة زوجته إلا في حالة واحدة، وهي أن تتزوج المرأة من رجل آخر وتدخل معه في علاقة زوجية كاملة، ثم يتم الطلاق بينهما. فقط بعد حدوث هذا الطلاق الثاني، يمكن للمرأة أن تعود إلى زوجها الأول بعقد جديد.
الطلاق بالثلاث له رجعه؟
إذا قام الرجل بتطليق زوجته ثلاث مرات في أوقات متعددة، فإن ذلك يتم على النحو التالي:
- يطلقها الطلقة الأولى، ثم يراجعها خلال فترة العدة أو يعقد عليها عقد نكاح جديد بعد انتهاء عدتها.
- يطلقها الطلقة الثانية، ثم يراجعها مرة أخرى خلال فترة العدة أو يعقد عليها عقد نكاح جديد بعد انتهاء عدتها.
- يطلقها الطلقة الثالثة، وفي هذه الحالة تصبح الزوجة محرمة عليه حتى تتزوج من رجل آخر زواج رغبة وليس زواج تحليل، ويحدث بينهما جماع.
أما إذا طلق الرجل زوجته ثلاث مرات بلفظ واحد، كأن يقول: “أنت طالق، طالق، طالق” في مرة واحدة، فإن هذا الطلاق يُعتبر في أغلب أقوال أهل العلم طلقة واحدة، حتى وإن كرر اللفظ. يعتبر التكرار في هذه الحالة تأكيدًا للطلقة الأولى وليس تعددًا في عدد الطلقات.
يجب التنويه أن هناك اختلافًا بين الفقهاء في هذا الشأن، حيث يرى بعض العلماء أن تكرار لفظ الطلاق في نفس المجلس يُعتبر طلقة واحدة، بينما يرى آخرون أنه يمكن أن يُعتبر طلاقًا ثلاثًا إذا كان القصد منه ذلك.
ما هي حدود العلاقة بين الزوجين في عدة الطلاق الرجعى؟
تتضمن أحكام الطلاق الرجعي العديد من النقاط الهامة، ومنها:
- عدة الزوجة: تكون مدة العدة ثلاثة حيضات إذا كانت الزوجة من النساء اللواتي يحضن، أو ثلاثة أشهر إذا كانت لا تحيض، أو حتى تضع حملها إذا كانت حاملاً. تُعطى هذه الفترة للرجل حتى يتمكن من التفكير فيما إذا كان يريد استعادة زوجته أو إتمام الطلاق.
- حق الرجعة: يمكن للرجل مراجعة زوجته خلال مدة العدة دون الحاجة إلى موافقتها. يكفي أن يُخبرها بقراره، ويمكنه أن يقول ببساطة: “فلانة، أرجعتك”، ومن الأفضل أن يثبت ذلك بشهود أو كتابة بورقة.
- الإقامة في البيت: يجب على المرأة أن تبقى في بيت الزوجية خلال فترة العدة، ولا يجوز لها الخروج منه إلا لضرورة.
- الوراثة: خلال فترة العدة، تُعتبر المرأة زوجة للرجل، وإذا توفي أحدهما خلال هذه الفترة، يرثه الآخر.
- النفقة والحقوق: تظل المرأة خلال العدة تعتبر زوجة معلقة، ولها حق النفقة وكل الحقوق الزوجية ما عدا المعاشرة الجنسية. إذا جامعها الزوج خلال العدة، يُعتبر ذلك رجعة.
- الأحكام الخاصة: تُعامل المرأة خلال عدة الطلاق الرجعي كزوجة متزوجة في جميع الأمور، إلا أن الزوج لا يقسم لها بالأيام إذا كان لديه أكثر من زوجة، إلا إذا أرجعها فعلياً.
هذه الأحكام تهدف إلى تحقيق التوازن بين محاولة الحفاظ على الأسرة وبين حقوق المرأة والرجل في حالة استحالة استمرار الحياة الزوجية.
عدة الطلاق الرجعى:
عدة الطلاق الرجعي هي ثلاثة حيضات إذا كانت المرأة تحيض، أو ثلاثة أشهر إذا لم تكن تحيض. وخلال مدة العدة، يجوز للرجل أن يراجع زوجته دون الحاجة إلى عقد جديد. أما إذا انتهت مدة العدة دون أن يراجعها، فإن الرجعة تتطلب عقدًا جديدًا ومهرًا جديدًا.
هذه الأحكام تهدف إلى إعطاء الزوجين فرصة للتفكير وإعادة النظر في قرار الطلاق، حيث توفر مدة العدة فترة زمنية يمكن فيها محاولة التصالح وإعادة العلاقة الزوجية دون إجراءات إضافية معقدة. ولكن إذا انتهت العدة، يتم التعامل مع الرجعة كزواج جديد تمامًا، مما يضمن حقوق الطرفين ويعيد ترتيب العلاقة بناءً على أسس جديدة.
هل يجب توثيق الطلاق الرجعي؟
من المفضل توثيق الطلاق الرجعي في المحكمة للحفاظ على حقوق وكرامة المرأة ولتجنب أي تجاوزات قد تحدث. إذا قام الرجل بتطليق زوجته مرتين، ولكنه وثق الطلاق في المحكمة فقط في المرة الثانية، فإن القانون يعتبرها طلقة واحدة، بينما في الشرع تُعتبر طلقتين.
لذلك، يلزم توثيق الطلاق الرجعي في المحكمة لضمان تسجيل كافة الطلقات بشكل صحيح وفقًا للشرع والقانون. بعد توثيق الطلاق الرجعي، يمكن الحصول على صك طلاق رجعي، الذي يعد وثيقة رسمية تثبت وقوع الطلاق وتوثق تفاصيله، مما يساهم في حماية حقوق الطرفين وتجنب أي لبس أو نزاع مستقبلي.
ما هو صك طلاق رجعى؟
صك الطلاق الرجعي هو وثيقة تصدر من المحكمة بعد إثبات وقوع الطلاق واستيفاء بعض الشروط اللازمة. يتطلب إصدار هذه الوثيقة حضور كلا الطرفين لجلسات المحكمة، وذلك لضمان عدم إمكانية تطليق الرجل لزوجته دون علمها.
يهدف هذا الإجراء إلى حماية حقوق المرأة وضمان كرامتها، حيث يوفر لها الفرصة للتأكد من وقوع الطلاق بوجودها ومشاركتها في الإجراءات. بالإضافة إلى ذلك، يسهم توثيق الطلاق في المحكمة في تنظيم الأمور القانونية وتجنب أي تجاوزات أو لبس قد يحدث مستقبلاً، مما يحافظ على حقوق الطرفين ويضمن العدالة في تطبيق الأحكام الشرعية والقانونية.
ما هي مدة إصدار صك الطلاق الرجعى؟
تختلف مدة إصدار صك الطلاق الرجعي حسب طبيعة الحالة، سواء كانت طلاقًا، أو فسخًا، أو خلعًا. يمكن أن تصدر وثيقة الطلاق خلال عدة أيام، وقد تستغرق حتى شهر. كما يلزم الرجل توثيق الطلاق خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ وقوعه.
إذا قام الزوج بمراجعة زوجته خلال العدة بعد التقديم على صك الطلاق، يجب عليه إثبات المراجعة أيضًا خلال خمسة عشر يومًا. وفي حالة كان الفسخ من قبل الزوجة، يمكن أن تطول المدة لعدة أشهر نظرًا للإجراءات القانونية والإدارية المرتبطة بالفسخ.
هذا التنظيم يهدف إلى ضمان حقوق جميع الأطراف المعنية وتوثيق الإجراءات بشكل دقيق وموثق قانونيًا، مما يساهم في الحفاظ على حقوق المرأة والرجل على حد سواء، ويمنع أي تجاوزات أو إشكاليات مستقبلية.
تعرف على حقوق المسافر في لائحة حماية حقوق المسافرين في السعودية
طريقة تقديم طلب صك طلاق رجعي
يمكن التقدم بطلب صك الطلاق من خلال المحكمة كما ذكر سابقًا أو عن طريق منصة “ناجز” الإلكترونية، وذلك باتباع بعض الخطوات المطلوبة لإصدار صك الطلاق.
فيما يلي خطوات التقديم عبر منصة ناجز:
- الدخول إلى منصة ناجز:
- قم بزيارة الموقع الإلكتروني لمنصة ناجز (najiz.sa).
- سجل الدخول باستخدام حسابك في “أبشر”.
- اختيار الخدمة المناسبة:
- من القائمة الرئيسية، اختر “الخدمات الإلكترونية”.
- ابحث عن خدمة “طلب صك طلاق” أو “توثيق طلاق”.
- ملء النموذج الإلكتروني:
- قم بملء النموذج الإلكتروني بالمعلومات المطلوبة، مثل بيانات الزوجين، تاريخ الطلاق، وأسباب الطلاق.
- تأكد من إدخال جميع المعلومات بدقة.
- إرفاق المستندات المطلوبة:
- قم بإرفاق المستندات اللازمة، مثل نسخة من عقد الزواج، الهوية الوطنية للطرفين، وأي مستندات أخرى تطلبها المنصة.
- تقديم الطلب:
- بعد التأكد من صحة البيانات والمستندات، قم بتقديم الطلب إلكترونيًا.
- ستتلقى رقم طلب لمتابعة حالة الطلب.
- متابعة الطلب:
- يمكنك متابعة حالة الطلب عبر منصة ناجز باستخدام رقم الطلب المقدم.
- قد تتطلب العملية حضور الزوجين لجلسات المحكمة لإتمام الإجراءات النهائية.
- إصدار صك الطلاق:
- بعد استكمال الإجراءات وتوثيق الطلاق، سيتم إصدار صك الطلاق.
- يمكنك الحصول على نسخة من الصك عبر المنصة أو من المحكمة مباشرة.
باتباع هذه الخطوات، يمكن للزوجين توثيق الطلاق بشكل رسمي وسريع، مما يضمن الحفاظ على حقوقهما وتنظيم الإجراءات بشكل قانوني.